قصة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام الجزء الأول
مقدمة:
بعدما انتهت قصة سيدنا صالح مع قومه قوم ثمود والتي تم ذكرها في القرآن الكريم ٢٦ مرة وذلك للموعظة والذكري للمؤمنين ، وعاش الناس بالإيمان مرة آخري حتي أن جاء الشيطان بعدها ووسوس للناس مجددا وانتشر الكفر مرة اخري وخصوصا في فلسطين والعراق والجزيرة العربية ومصر ، فبعث الله هذه المرة نبيا من أعظم الأنبياء والرسل بل هو من أولي العزم أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام.
من هو النبي ابراهيم عليه السلام:
هو أبو الأنبياء أجمعين إبراهيم بن تارخ (وكان يسمي في قومه آذر وهو لقب أطلق عليه من قبل قومه لأنه كان يؤازرهم اي يساعدهم )، ذكرت قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام في القران ٧٣ مرة وذلك في ٢٥ سورة مختلفة وهو من سلالة سام بن نوح عليه السلام.
كان سيدنا ابراهيم في بابل في شمال العراق وهي مدينة عظيمة ذات حضارة عريقة ولكن انتشرت بها عبادة الأصنام.
قال الله تعالي (وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَـٰنࣰا مَّوَدَّةَ بَیۡنِكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ ثُمَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضࣲ وَیَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضࣰا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِینَ)
[سورة العنكبوت 25]
حيث كانو يعبدون الأصنام من دون الله.
سؤال سيدنا ابراهيم لأبيه وقومه عن سبب عبادتهم للأصنام:
(إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِیلُ ٱلَّتِیۤ أَنتُمۡ لَهَا عَـٰكِفُونَ قَالُوا۟ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا لَهَا عَـٰبِدِینَ)
[سورة الأنبياء 52 - 53]
وقال تعالي عن عبادة تلك الأصنام (وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ إِبۡرَ ٰهِیمَ إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا تَعۡبُدُونَ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ أَصۡنَامࣰا فَنَظَلُّ لَهَا عَـٰكِفِینَ قَالَ هَلۡ یَسۡمَعُونَكُمۡ إِذۡ تَدۡعُونَ أَوۡ یَنفَعُونَكُمۡ أَوۡ یَضُرُّونَ قَالُوا۟ بَلۡ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا كَذَ ٰلِكَ یَفۡعَلُونَ قَالَ أَفَرَءَیۡتُم مَّا كُنتُمۡ تَعۡبُدُونَ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُمُ ٱلۡأَقۡدَمُونَ)
[سورة الشعراء 69 - 76]
وكما قال الله فإن عبادة التماثيل متوارثة من الأجداد والآباء وبدأ سيدنا ابراهيم يبين لهم سبب عبادة الإنسان لله حيث انه اذا احتاج العبد شيئاً يطلبه من الله فيستجيب له ويقضي له حاجته ويهديه إلي الطريق المستقيم لذلك يعبد الله لكي ينفعه ويمنع عنه الضرر.
فالذي يعبدون من دون الله لا تسمع ولا تضر فكيف أيها القوم تعبدون شيئاً لا ينفع حتي نفسه؟
لكن تقليد الآباء والأجداد الأعمي وعدم إحكام العقل والتدبر هو ما صنع كل هذا.
وبدأ عندها سيدنا إبراهيم يدعو لترك عبادة الأصنام.
الدعوة بذكاء إلي الله :
لم يعبد سيدنا ابراهيم الأصنام قط ، وبدأ بالدعوة لعبادة الله بأبيه.
قال الله في سورة مريم (وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِبۡرَ ٰهِیمَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیًّا إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ یَـٰۤأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا یَسۡمَعُ وَلَا یُبۡصِرُ وَلَا یُغۡنِی عَنكَ شَیۡـࣰٔا یَـٰۤأَبَتِ إِنِّی قَدۡ جَاۤءَنِی مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ یَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِیۤ أَهۡدِكَ صِرَ ٰطࣰا سَوِیࣰّا یَـٰۤأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَـٰنِ عَصِیࣰّا یَـٰۤأَبَتِ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یَمَسَّكَ عَذَابࣱ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّیۡطَـٰنِ وَلِیࣰّا قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِی یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُۖ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِی مَلِیࣰّا)
[سورة مريم 41 - 46]
ومن هذه الأيات المباركة نستنتج ان والد إبراهيم هدده بالرجم وطلب البعد عنه فترة من الزمن.
وكان الرد من سيدنا ابراهيم عليه السلام (قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِی حَفِیࣰّا وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُوا۟ رَبِّی عَسَىٰۤ أَلَّاۤ أَكُونَ بِدُعَاۤءِ رَبِّی شَقِیࣰّا فَلَمَّا ٱعۡتَزَلَهُمۡ وَمَا یَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبۡنَا لَهُۥۤ إِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَۖ وَكُلࣰّا جَعَلۡنَا نَبِیࣰّا وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِیࣰّا)
[سورة مريم 47 - 50]
(وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَأَوَّ ٰهٌ حَلِیمࣱ)
[سورة التوبة 114]
ومعني الآية هو انه لا يجوز للمؤمن الدعوة للكافر و ان إستغفار سيدنا إبراهيم لوالده كان لأنه وعده فقط ولما عرف انه كافر تبرأ منه ولم يدعو له.
وعندما ابتعد ابراهيم عن ابيه أكرمه الله وسماه "خليل الرحمن" والخلة هي إمتلاء القلب بالحب فكان أكثر الناس محبة عند الله.
ابراهيم عليه السلام لا يحضر العيد ويدمر الأصنام:
كان عمر سيدنا ابراهيم وقتها ١٦ عاما وكان نبيا ففكر ثم جاءته فكرة هدم الأصنام حيث أنها أصل الشر وبدأ بتكسيرها.
(وَتَٱللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصۡنَـٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّوا۟ مُدۡبِرِینَ)
[سورة الأنبياء 57]
قال ذلك علناً ومتحدياً وانتظر في يوم لا يوجد فيه أحد وسنحت الفرصة في يوم عيد لقومه كانوا يخرجون خارج المدينة يلعبون ويأكلون ويمرحون ويتركون في هذه الفتؤة الطعام عند الأصنام يأخذ البركة من الاصنام ويأتون آخر النهار ليأكلول من الطعام المبارك .
لم يخرج سيدنا ابراهيم في هذا اليوم فعندها سأله أهله عن السبب فقال لهم انه رأي في النجوم أنه سيكون مريضاً ويقول النبي صلى الله عليه وسلم بشأن ذلك ( كذب عليهم لكنها كانت في الله)
وجاء ذلك في الأيات:
(۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَـٰلِمِینَ إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِیلُ ٱلَّتِیۤ أَنتُمۡ لَهَا عَـٰكِفُونَ قَالُوا۟ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا لَهَا عَـٰبِدِینَ قَالَ لَقَدۡ كُنتُمۡ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُمۡ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ قَالُوۤا۟ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِینَ قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِی فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَ ٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ وَتَٱللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصۡنَـٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّوا۟ مُدۡبِرِینَ فَجَعَلَهُمۡ جُذَ ٰذًا إِلَّا كَبِیرࣰا لَّهُمۡ لَعَلَّهُمۡ إِلَیۡهِ یَرۡجِعُونَ)
[سورة الأنبياء 51 - 58]
إبراهيم عليه السلام يهدم الأصنام ويترك المعول في رأس كبير الأصنام:
وجاءت مسألة إعتذار سيدنا إبراهيم عن الخروج للعيد كالأتي :
(فَنَظَرَ نَظۡرَةࣰ فِی ٱلنُّجُومِ فَقَالَ إِنِّی سَقِیمࣱ فَتَوَلَّوۡا۟ عَنۡهُ مُدۡبِرِینَ فَرَاغَ إِلَىٰۤ ءَالِهَتِهِمۡ فَقَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ مَا لَكُمۡ لَا تَنطِقُونَ فَرَاغَ عَلَیۡهِمۡ ضَرۡبَۢا بِٱلۡیَمِینِ)
[سورة الصافات 88 - 93]
وبذلك استغل سيدنا ابراهيم عليه السلام فرصة انشغال قومه بالعيد وذهب للأصنام الموجود أمامهم الطعام الذي تركه قومه لهم ليتحصل علي بركتهم فكلمهم سيدنا ابراهيم بسخرية ألا تأكلون أيها التماثيل؟ ثم انهال عليهم بالضرب باليد اليمني وقام سيدنا ابراهيم بتفتيت هؤلاء الاصنام وترك بترك كبيرهم ثم غادر ، وعلق المعول علي كبير الاصنام.
مواجهة سيدنا ابراهيم لقومه بعدما كسر أصنامهم التي اعتبروها آلهتهم:
عند إنتهاء الناس من العيد ووصولهم تفاجأوا بالتماثسل المكسورة وتسائلوا من يمكن أن يفعل هذا بآلهتهم؟
فأتو بأهل بابل بالكامل ومنهم إبراهيم وسألوه هل فعلت ذلك يا ابراهيم فكان رد سيدنا ابراهيم عليهم ان هذه من فعلة كبيرهم فسألوه إن كان ينطق ففكروا قليلاً وقالوا فعلاً كيف لكبير الالهة ألا يسطتيع النطق ورأوا ان بيده الفأس، وحاوروا أنفسهم وقالوا انكم انتم الظالمون ومعناه انهم اقتنعوا ولكن لم يؤمنوا بل انقلبوا وغضبوا بعدما رأوا العقل والمنطق واضح.
حيث يقول الله تعالي (قَالُوا۟ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـَٔالِهَتِنَاۤ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا فَتࣰى یَذۡكُرُهُمۡ یُقَالُ لَهُۥۤ إِبۡرَ ٰهِیمُ قَالُوا۟ فَأۡتُوا۟ بِهِۦ عَلَىٰۤ أَعۡیُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡهَدُونَ قَالُوۤا۟ ءَأَنتَ فَعَلۡتَ هَـٰذَا بِـَٔالِهَتِنَا یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُ قَالَ بَلۡ فَعَلَهُۥ كَبِیرُهُمۡ هَـٰذَا فَسۡـَٔلُوهُمۡ إِن كَانُوا۟ یَنطِقُونَ فَرَجَعُوۤا۟ إِلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ فَقَالُوۤا۟ إِنَّكُمۡ أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا۟ عَلَىٰ رُءُوسِهِمۡ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ یَنطِقُونَ قَالَ أَفَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَضُرُّكُمۡ أُفࣲّ لَّكُمۡ وَلِمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ قَالُوا۟ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤا۟ ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَـٰعِلِینَ قُلۡنَا یَـٰنَارُ كُونِی بَرۡدࣰا وَسَلَـٰمًا عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَأَرَادُوا۟ بِهِۦ كَیۡدࣰا فَجَعَلۡنَـٰهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِینَ)
[سورة الأنبياء 59 - 70]
قرار القوم بحرق سيدنا ابراهيم عليه السلام في النار امام مدينة بابل:
مع ان سيدنا ابراهيم أراهم الحق والمنطق فيما فعله ولكنهم هددوه بحرقه في النار ، وخصصوا أرض ليست بها تراب بل صماء وأحاطوها بالحجارة وأمروا كل الناس بوضع أخشاب في هذه المنطقة وحتي النساء والأطفال وضعوا الأخشاب حتي أصبح مثل البناء شاهقة وأشعلوا فيها النيران وأحضروا المنجنيق ، والمنجنيق هو آلة لقذف الأحجار لمسافة بعيدة حيث توضع الحجارة في كفة المنجنيق ويتم شدها بحبل لأسفل ثم عند قطع الحبل تقذف الحجارة لمكان بعيد ، فوضعوا سيدنا ابراهيم في كفة المنجنيق وفي هذه اللحظة كان دعاء سيدنا ابراهيم "حسبي الله ونعم الوكيل" اي يكفيني ربي وهو معي ولا أحد غيره وأتوكل عليه وهو خير وكيل .
تحدث معجزة ولا يصاب سيدنا إبراهيم بأي أذي:
وجاءت بعض الروايات بأن سيدنا ابراهيم وهو مقذوف وفي طريقه الي النار جاءه سيدنا جبريل عليه السلام وقال له يا ابراهيم ألك حاجة؟ فرد عليه ابراهيم عليه السلام : اما إليك فلا ، وأما إلي الله فنعم.
وفي رواية آخري قيل ان ملك المطر استئذن الله تعالي بأن ينزل المطر فيطفئ بها النيران ولكن كان أمر الله اسرع منه ، حيث قال الله تعالي (قُلۡنَا یَـٰنَارُ كُونِی بَرۡدࣰا وَسَلَـٰمًا عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَأَرَادُوا۟ بِهِۦ كَیۡدࣰا فَجَعَلۡنَـٰهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِینَ)
[سورة الأنبياء 69 - 70]
وحدثت عندها المعجزة ولم يصب سيدنا ابراهيم بأي أذي فلم تحترق حتي ثيابه وبم يحترق إلا الحبل الذي ربط به فسبحان الله العظيم القادر علي كل شئ ، وظل الناس ينتظرون والنار تنطفئ واذ فجأة يخرج سيدنا إبراهيم عليهم من وسط النيران وهو سالم.
وكما جاء في الروايات ان سيدنا ابراهيم قال ما رأيت ايام أنعم عندي من الوقت الذي كنت فيه في النيران ، والناس مدهوشون فهو كان وسط النار ولم تمسه منها شئ ، فظل النار ينظرون له بدهشة لهذه المعجزة العظيمة وبالرغم من كل هذا لم يؤمن من قومه إلا سيدنا لوط عليه السلام.
قال الله تعالي (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَـٰنࣰا مَّوَدَّةَ بَیۡنِكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ ثُمَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضࣲ وَیَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضࣰا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِینَ ۞ فَـَٔامَنَ لَهُۥ لُوطࣱۘ وَقَالَ إِنِّی مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ)
[سورة العنكبوت 24 - 26]
وصول أخبار سيدنا ابراهيم الذي لم تحرقه النيران وعن وبابل :
وصلت اخبار معجزة سيدنا ابراهيم الي النمرود ملك معظم الأرض في ذلك الوقت حيث قيل أنه كان يمتلك معظم الأرض فقال ائتوني به فجأءوا به وبدأ يحدثه عن ربه
قال الله تعالي (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِی حَاۤجَّ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ فِی رَبِّهِۦۤ أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّیَ ٱلَّذِی یُحۡیِۦ وَیُمِیتُ قَالَ أَنَا۠ أُحۡیِۦ وَأُمِیتُۖ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَأۡتِی بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِی كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامࣲ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِا۟ئَةَ عَامࣲ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ یَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَیۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمࣰاۚ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ)
[سورة البقرة 258 - 259]
وفهم النمرود الكلام خطأ حيث أتي برجلين من السجن وحكم علي أحدهما بالموت وحرر الأخر ولكن قصد سيدنا إبراهيم كان إحياء الموتي ولم يعقب سيدنا ابراهيم علي ذلك وذكر بعدها ان الله يأتي بالشمس فتطلع من المشرق الي المغرب فافعل انت يا نمرود العكس واتي بها من المغرب الي المشرق فلم يستطع النمرود الرد ولم يفعل شيئاً لسيدنا ابراهيم.
مهاجرة سيدنا ابراهيم الي الشام:
بعدها هاجر سيدنا ابراهيم وترك العراق وذهب الي الشام وتحديداً سوريا ووصل لمنقطة حران هناك وتزوج بإبنة عمه سارة.
يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم " ما خلق علي الأرض أجمل من سارة إلا حواء"
وآمن سيدنا لوط لسيدنا إبراهيم وهاجر هو الآخر (۞ فَـَٔامَنَ لَهُۥ لُوطࣱۘ وَقَالَ إِنِّی مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ)
[سورة العنكبوت 26]
(وَنَجَّیۡنَـٰهُ وَلُوطًا إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَا لِلۡعَـٰلَمِینَ)
[سورة الأنبياء 71]
وكان يعبد أهل حران النجوم فأراد سيدنا ابراهيم ان يهديهم ويثبت لهم ان عبادتهم للنجوم باطلة
(وَكَذَ ٰلِكَ نُرِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِیَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِینَ)
[سورة الأنعام 75]
اي انت الله اراه له النجوم والمجرات ، وبعدما أراه الله إعجازه سبحانه في السموات زاد ايمانه ويقينه بالله واراد محاورة قوم حران عن عبادتهم.
(وَكَذَ ٰلِكَ نُرِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِیَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِینَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَیۡهِ ٱلَّیۡلُ رَءَا كَوۡكَبࣰاۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَاۤ أُحِبُّ ٱلۡـَٔافِلِینَ فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغࣰا قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَىِٕن لَّمۡ یَهۡدِنِی رَبِّی لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّاۤلِّینَ فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةࣰ قَالَ هَـٰذَا رَبِّی هَـٰذَاۤ أَكۡبَرُۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَتۡ قَالَ یَـٰقَوۡمِ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ إِنِّی وَجَّهۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِیفࣰاۖ وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ وَحَاۤجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰۤجُّوۤنِّی فِی ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَاۤ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ رَبِّی شَیۡـࣰٔاۚ وَسِعَ رَبِّی كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ وَكَیۡفَ أَخَافُ مَاۤ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ یُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَیۡكُمۡ سُلۡطَـٰنࣰاۚ فَأَیُّ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ وَتِلۡكَ حُجَّتُنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ)
[سورة الأنعام 75 - 83]
ويقال ان الكوكب كان كوكب الزهرة وظل يستهزئ بهم ويقول ان هذا الكوكب هو ربه ولما ذهب الليل اختفي الكوكب، وتقول لنا الآيات جدال سيدنا ابراهيم مع قوم حران والناس تستعجب من نقاشه وإثباته قوله بالحجج والمنطق ، وبدأ القوم يجادلونه ولكنه أخبرهم أنه لا يخاف منهم وحدثهم عن الله سبحانه وتعالى.
هجرة سيدنا ابراهيم مع اجمل نساء الأرض السيدة سارة من الشام الي مصر :
قرر سيدنا ابراهيم عليه السلام الهجرة مرة أخرى إلى مصر تاركاً فلسطين والشام ،وصل الى حاكم مصر ان سيدنا ابراهيم اتي ومعه اجمل نساء الارض فطمع فيها هذا الحاكم وأرسل جنوده ليأتوه بها وقال لهم تحروا عن الرجل الذي معها فإن كان زوجها فاقتلوه ، فجاء الوحي لسيدنا ابراهيم وأخبر زوجته إن سألوكِ عني فقولي انني اخوكِ وانتي اختي في الله ، وان الأرض التي نحن فيها الآن ما عليا مؤمن غيري وغيرك.
فلم يوجد في مصر مؤمن او موحد بالله ، فعندما جاء الجنود قالوا له ماذا تقرب لك هذه ؟ فقال لهم "انها اختي" ويقول النبي صلى الله عليه " لقد كذب ولكن في الله"
أنواع الكذب التي قالها سيدنا ابراهيم عليه السلام:
١- لما قال انه سقيم اي مريض ولن يستطيع القدوم معهم للعيد
٢- لما قال بقومه ان من كسر ودمر الاصنام هو كبيرهم فاسألوهم ان كانو ينطقون
٣- لما قال للجنود ان السيدة سارة هي اخته
وجميعها قالها في الله.
وعندما جاء سيدنا ابراهيم بالبشر قالوا لهم يا خليل الرحمن إدعو لنا ربك ان يقيم الساعة ويبدأ الحساب فقال لهم لا فإني أخاف الله لإني كذبت ٣ مرات.
دعاء السيدة سارة عليها السلام ضد حاكم مصر:
فأخذوا السيدة سارة الي الملك ولما عرفت ان الملك فاجر كافر بالله دعت الله " اللهم إن كنت تعلم اني آمنت بالله ورسوله وأحصنت فرجي إلا علي زوجي فقط فلا تسلّط عليّ هذا الكافر"
فأدخلوها عليه وأراد ان يلمسها ففشل وظل يصرخ انه لا يستطيع تحريك يده وجاء حراسه يريدون انقاذه ، فخافت السيدة سارة ان يقتلوها فقالت : ياربي اتركه لكي لا يقتلوني لأجله.
فاستجاب الله لها ورجعت يده سليمة.
وحاول الهجوم عليها مرة آخري وفشل مجددا ، فقال : فكيني ، فدعت الله سبحانه وتعالى ففكه ، فلم يتب وهجم عليها مرة ثالثة وفشل وقال : فكيني وأطلقكِ في سبيلك وأكرمك ، فدعت الله ففك هذا الكافر.
فنادي حراسه وقال : اخرجوها عني والله ما جئتوني بإنسان انما اتيتموني بشيطان ، وأطلق سراحها وأرسل معها الذهب والجواهر وأرسل معها جارية تسمي هاجرفكانت تخدمها .
ورجعت السيدة سارة الي ابراهيم عليه السلام وكان وقتها يصلي ، فقال لها ماذا حدث؟
فقالت له ان الله سلط علي الكافر ولم يسطتع الحصول علي اي شئ.
فقال سيدنا ابراهيم عليه السلام: الحمد لله
وخرج من مصر ورجع الي فلسطين مرة أخرى.
What's Your Reaction?