قصة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام الجزء التاني

Feb 20, 2022 - 06:29
Mar 18, 2022 - 00:06
 0  265
قصة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام الجزء التاني

بعد ان هاجر سيدنا ابراهيم عليه السلام من بابل بشمال العراق ثم الي حران بالشام ومنها الي مصر انتقل الي فلسطين ثم استقر فيها ، فانضم اليه لوط عليه السلام ثم امر سيدنا لوط ان يذهب ليدعوا قوما شديدي الشذوذ والكفر وذلك في قريتهم قربة سدوم التي تسمي أيضاً المؤتفكة وسنرجع لهذه القصة عندما نبدأ في قصة سيدنا لوط عليه السلام ان شاء الله.

زواج سيدنا ابراهيم عليه السلام من هاجر امة السيدة سارة:

فذهب سيدنا ابراهيم عليه السلام مع السيدة سارة وامتها هاجر الي فلسطين ، ثم عاش هناك وتاجر ودعي الي الله ، ورزقه الله أموالاً كثيرة في فلسطين وعندما بلغ عمره ٨٥ او ٨٦ سنة تقريباً ، رأت السيدة سارة انها عاقر وسيدنا إبراهيم كبير يشتاق الي الولد ويتمني ذلك فأعطت له أمتها هاجر وتزوجها وانجبت له ولده إسماعيل عليه السلام.

وكان ذلك في سن ٨٦ ولكن السيدة سارة غارت رغم انها هي من اعطته هاجر اليه فقالت له لا تجمعني بها في مكان واحد.

سيدنا ابراهيم عليه السلام يسافر الي مكة المكرمة مع السيدة هاجر وابنهما إسماعيل:

أبعد سيدنا ابراهيم عليه السلام السيدة هاجر بعيدا عن السيدة سارة، ثم بأمرٍ من الله سبحانه وتعالى امره ان يذهب بهم الي مكة المكرمة وبالفعل تم السفر إلي مكة.

وسيلة ترحال سيدنا ابراهيم عليه السلام كانت البراق وهي الدابة التي يركبها الأنبياء ، وكان يسافر بالبراق عندما يكون منفرداً انما عندما يكون برفقة احد يسافر سفراً عادياً.

سافر سيدنا ابراهيم مع زوجته وابنهما الي مكة وسار بهما حتي وصلوا الي وادٍ في مكة بين جبلين لا يوجد فيه أي شئٌ علي الإطلاق.

سيدنا ابراهيم عليه السلام يترك السيدة هاجر وابنه في الصحراء :

وعند ذلك ترك سيدنا ابراهيم عليه السلام السيدة هاجر وسيدنا إسماعيل عليهما السلام وذهب ، فتعجبت السيدة هاجر حيث انها توقعت ان يتركهما في قرية فيها طعام وشراب ولكنه تركهم في هذا الوادي الخالي من أي شئ ،فتبعته هاجر عليها السلام وقالت له يا ابراهيم اين تتركنا؟ اتتركنا في مكان ليس به طعام او ماء او حتي بشر؟

فلم يتردد سيدنا ابراهيم عليه السلام وتركها واستمر في طريقه والسيد هاجر تلحق به وتترجاه وتستعطفه " هذه صحراء نموت في هذا المكان" وسيدنا ابراهيم مستمر في طريقه ثم سألته " هل آمرك الله بهذا ؟ فرد عليها سيدنا ابراهيم: نعم ، فقالت السيدة هاجر " إذاً لن يضيعنا".

سعي السيدة هاجر عليها السلام بين الصفا والمروة لإيجاد الماء والطعام او عن من ينقذ ابنها: 

ورجعت السيدة هاجر الي طفلها الرضيع اسماعيل عليه السلام وظلت معه حتي نفد الطعام والشراب وبدأ سيدنا اسماعيل يبكي والسيدة هاجر لا تتحمل سماع بكاء الرضيع من الجوع ، تركته السيدة هاجر وذهبت لأقرب جبل منها وهو جبل الصفا فصعدت للجبل وظلت تنظر وتتأمل علي أمل ان تجد شيئاً فلم تجد ،فأسرعت الي الوادي مرة اخري وعندما وصلت هرولت الي الجبل الآخر وهو المروة وصعدته وظلت تبحث ولم تجد أي شئ ، شعرت عندها انها تركت طفلها فنزلت وهرولت ناحية الصفا مرة اخري وظلت علي هذا الحال.

ظلت السيدة هاجر عليها السلام هكذا سبعة أشواط تسعي بين الصفا والمروة (وهذا هو ما يحدث في الحج فهو إحياء لتلك الذكري وهو سعي المسلمين بين الصفا والمروة وهو من واجبات الحج والعمرة) وعند وصولها لجبل المروة للمرة السابعة سمعت صوتاً فقالت لإبنه (صه) أي اسكت وبدأت تسمع الصوت قادم تجاه سيدنا اسماعيل فهرولت نحوه بسرعة ، فإذا بها تجد الماء ينبع من تحت رجليها.

الله يرسل سيدنا جبريل عليه السلام ليفجر بئر زمزم تحت رجل سيدنا اسماعيل: 

 ضرب سيدنا جبريل الأرض بطرف بجناحه عند موضع بئر زمزم فبدأ النبع العظيم يفيض عند قدمي سيدنا اسماعيل عليه السلام.

فرحت السيدة هاجر عليها السلام برؤية الماء يفيض وبدأت تحفر النبع العظيم وتقوم بإحاطته وتقول ( زم زم ) أي تجمع.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم " رحم الله ان اسماعيل عليهما السلام لو لم تحطه لكان زمزم عيناً معيناً ولرجت كالنهر".

فشرب سيدنا اسماعيل ونجو جميعا من الموت وذلك بمعجزة من الله ، ولكن ظلوا بدون طعام وبدون بشر ، وبدأت الطيور تحوم حول بئر زمزم.

استئذان قوم جرهم لهاجر ام اسماعيل عليه السلام بالشرب من بئر زمزم:

كانت قبيلة جرهم من أعظم قبائل العرب وقد تركوا اليمن لإنهيار سد مأرب المستخدم لتجميع المياه.

اليمن هي أصل العرب كلهم ، واتجه العرب من اليمن الي شمال الجزيرة.

وكانت تبحث هذه القبيلة علي الماء وكانت تتجه ناحية الشام ، فعندما رأوا الطيور تحوم حول وادي بكة التي توجد فيه السيدة هاجر وابنها قالوا "والله إن لهذه الطيور شأن فأرسلوا رسول لتقفي الأمر وجاءهم بالخبر، وتوجهت القبيلة نحو الماء وكان فيهم نخوة وشهامة فلم يؤذوا احد او يقطعوا الطريق علي الناس.

نزلت قبيلة جرهم في مكة وعاشت السيدة هاجر في ظل وجود هؤلاء القوم نتيجة استئجارهم لبئر زمزم ، ونشأ سيدنا إسماعيل في جرهم وتعلم منهم اللغة العربية الفصحي حتي أنه صار أفصحهم وتزوج منهم واصبحت ذريته مستعربة حتي وصلت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ما حدث كان استجابة لدعاء سيدنا ابراهيم عليه السلام والتي ذكرت في القرآن الكريم " (رَّبَّنَاۤ إِنِّیۤ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّیَّتِی بِوَادٍ غَیۡرِ ذِی زَرۡعٍ عِندَ بَیۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ )

[سورة إبراهيم 37]

فهل كان البيت المحرم مبنياً في ذلك الوقت؟ بالطبع لم يكن موجوداً عندما جاء سيدنا ابراهيم بهاجر الي هناك، وهل بُني قبل ذلك ؟ 

مكانه كان معروف بالنسبة للملائكة وسيدنا ابراهيم ، وفي رواية قيل ان شيث ابن آدم بناه وانهدم.

حيث يقول الله عز وجل " (إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ)

[سورة آل عمران 96]

سيدنا ابراهيم تأتيه رؤية ذبحه لإبنه إسماعيل: 

شب اسماعيل عليه السلام بينما تمر الأيام وهو في جرهم وكان سيدنا ابراهيم يزوره في كل عام مرة او مرتين او أكثر ، ظلت هذه الحال حتي جاء الحدث العظيم ففي أحد زيارات سيدنا إبراهيم لإسماعيل عليه السلام في مكة وبينما هو نائم رأي رؤية في المنام انه يذبح اسماعيل ابنه ، وسيدنا ابراهيم يعلم ان رؤي الأنبياء حق لا يتمثل فيها الشيطان ، فعزم علي الإمتثال لأمر الله ولم يتردد.

حيث روي الله عز وجل القصة فقال سبحانه وتعالى (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡیَ قَالَ یَـٰبُنَیَّ إِنِّیۤ أَرَىٰ فِی ٱلۡمَنَامِ أَنِّیۤ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ ۝ فَلَمَّاۤ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِینِ ۝ وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ أَن یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ ۝ قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡیَاۤۚ إِنَّا كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ ۝ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَـٰۤؤُا۟ ٱلۡمُبِینُ ۝ وَفَدَیۡنَـٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِیمࣲ ۝ وَتَرَكۡنَا عَلَیۡهِ فِی ٱلۡـَٔاخِرِینَ ۝ سَلَـٰمٌ عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ ۝ كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ ۝ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ۝ وَبَشَّرۡنَـٰهُ بِإِسۡحَـٰقَ نَبِیࣰّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝ وَبَـٰرَكۡنَا عَلَیۡهِ وَعَلَىٰۤ إِسۡحَـٰقَۚ وَمِن ذُرِّیَّتِهِمَا مُحۡسِنࣱ وَظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِینࣱ)

[سورة الصافات 102 - 113]

قال الفقهاء ان سيدنا ابراهيم اراد ان يشارك سيدنا اسماعيل الأجر بالصبر علي ابتلاء الله وتنفيذ اوامره حيث قال لسيدنا ابراهيم افعل ما تؤمر حيث انه يعلم ان رؤيا الأنبياء حق، فكان مسلم وموحد لأمر الله وبمنتهي الأدب لذلك سمي بالحليم حيث اتسم بالصبر علي ابتلاء الله الشديد حيث قال ( یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ)

[سورة الصافات 102]

ولم يغتر سيدنا اسماعيل لا بإيمانه ولا بعلمه وانما قال ذلك من عند الله عز وجل.

وقال سيدنا اسماعيل عليه السلام لسيدنا ابراهيم اجعل جبهتي علي الأرض حتي لا تشفق علي وبالفعل فعل سيدنا ابراهيم ذلك ثم أخذ السكين ووضعها علي رقبته وبدأ يقطع فلم تقطع السكين وأخذ سيدنا ابراهيم يضغط ويجر بالسكين ولكن بلا جدوي وسيدنا اسماعيل يقول له "اضغط بقوة يا أبي".

فداء سيدنا اسماعيل بكبش من الجنة من عند الله: 

سمي الإسلام إسلام لأن معناه هو تسليم الامر لله عز وجل حي لو لم يبدو الأمر واضحاً وهذا ما فعله سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل عليهما السلام حيث خضعا لتنفيذ أمر الله بلا اعتراض او تردد ، وبالتالي لم يعد هناك حاجة لإكمال الإختبار فالتسليم حدث ، وجاؤه النداء من عند الله عز وجل انه قد صدق الرؤيا وجعلها حق فسنجزيك كما نجزي المحسنين ان هذا لهو البلاء المبين أي انه أكبر وأشد إختبار في التاريخ.

وسمع سيدنا ابراهيم النداء ونظر خلفه فإذ بسيدنا جبريل عليه السلام نزل من السماء ومعه كبش فداء من الجنة ، فقد رُعي في الجنة أربعين خريفاً وكان أبيض ، عيناه واسعتان، وقرونه كبيرة وهكذا فُدي سيدنا اسماعيل وصارت سُنة وعيد للمسلمين كل عام بأن الله نجي سيدنا اسماعيل من الذبح للسير والتسليم بأمر الله.

What's Your Reaction?

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow